لسنسنة المشقوقة (قِبلة نُخاعية سحائية): قصة "إيما"
كان لدى "بيث تراهان" في المرة الأولى التي سافرت فيها من منزلها في تورونتو إلى فيلادلفيا أمل بسيط في النجاح. كشف اختبار الدم قبل أسابيع قليلة فقط، أي بعد مرور 16 أسبوعًا على حملها الخامس، عن وجود مشكلة في الحمل. إذ أظهر الاختبار أن جنينها كان يعاني من فرصة واحدة من 32 لوجود عيب في الأنبوب العصبي، وهو أحد أكثر العيوب الخِلقية شيوعًا، والذي يمكن أن يؤثر على نمو الدماغ والحبل الشوكي.
أكد التصوير بالموجات فوق الصوتية بعد مرور بضعة أسابيع أن الجنين يعاني من قِبلة نُخاعية سحائية، أكثر أنواع السنسنة المشقوقة خطورة، وفيها يفشل جزء من القناة الشوكية في الإغلاق داخل الرحم بطريقة سليمة. يسمح عيب السنسنة المشقوقة المكشوفة بتلف الحبل الشوكي والأعصاب المكشوفة بسبب الآثار المدمرة للسائل السلوي.
وكان المستشار الجيني الذي شخص الحالة للأم بيث قدَّم لها قليلًا من الأمل. لكن لحسن الحظ، أخبرتها ممرضتها بتوفر علاج خارق للأجنة المصابين بالقِبلة النُخاعية السحائية في عدد قليل من المستشفيات بالولايات المتحدة.
ويأتي العلاج الخاص بالأجنة نتيجة تجربة سريرية متميزة موّلتها المعاهد الصحية الأمريكية شارك في قيادتها مركز تشخيص وعلاج الأجنة بمستشفى فيلادلفيا للأطفال. لقد قام فريق الأجنة بمستشفى فيلادلفيا للأطفال بتطوير التقنية الجراحية السابقة للولادة ويحظى بأكبر خبرة في أداء الإجراءات الجراحية اللازمة حول العالم.
بعد القيام بالبحث عن جراحات الأجنة على الإنترنت، قابلت "بيث" الطبيب "جيمس درايك"، وهو جراح أعصاب مشهور وباحث في السنسنة المشقوقة بمستشفى الأطفال المرضى بتورونتو، الذي أوصاها بضرورة الذهاب إلى "مستشفى فيلادلفيا للأطفال. أظهر فحص السائل السلوي وأشعة الرنين المغناطيسي للأجنة أن الحالة تتسبب بالفعل في تسرب السائل الدماغي النخاعي عبر عيب السنسنة المشقوقة المكشوفة، مما ينتج عنه تحرك جذع الدماغ لأسفل إلى القناة الشوكية في رقبة الجنين. ويمكن أن تؤدي هذه الحالة — تُسمى فتق الدماغ المؤخر — إلى مَوَهُ الرَّأْس، وهو عبارة عن تراكم سائل مهدد للحياة يمكنه إصابة الدماغ النامي.
من كندا إلى فيلادلفيا
عمل فريق خدمات المرضى الدوليين بمستشفى فيلادلفيا للأطفال مع "بيث" وأطبائها المحليين للمساعدة في ترتيب زيارتها لمركز تشخيص وعلاج الأجنة. يعمل فريق "خدمات المرضى الدوليين على توفير موارد المستشفى للأسر من جميع أنحاء العالم، ويساعد على تنسيق الرعاية والمساعدة في ترتيبات السفر وتقديم أي دعم آخر قد تحتاجه الأسر الدولية استعدادًا للقدوم إلى فيلادلفيا.
قامت "بيث" بالترتيبات للاعتناء بأطفالها الأكبر سنًا وسافرت إلى فيلادلفيا برفقة زوجها وطفليها الصغيرين — أحدهما في سن الثانية والآخر في سن الثمانية. وقد خضعت لجراحة أجنة بعد مرور ثلاثة أيام. لقد صارت الأمور على ما يرام بالنسبة للجراحة، لكن بعد مرور سبعة أيام، بينما كانت لا تزال تتماثل للشفاء في فيلادلفيا، عانت "بيث" من فصل الغشاء المشيمي السلوي — مضاعفة جراحة الأجنة التي يمكن أن تؤدي إلى الولادة المبكرة.
وتم إدخالها إلى "مستشفى فيلادلفيا للأطفال" مرة أخرى، وتلقت علاجًا لمنع الولادة المبكرة وتمت متابعتها بعناية. بعد مرور أسبوعين، عندما كان زوجها وولديْها في طريق العودة إلى المنزل، نُقلت "بيث" بسيارة إسعاف إلى مستشفى "ماونت سيناي في تورونتو" حيث أمضت ما تبقى من الحمل
وتتذكر بيث قائلة: "لقد كان الوضع مروِّعًا". "لكن بقي الأطباء العاملون بمستشفى فيلادلفيا للأطفال على اتصال مع الأطباء في تورونتو طوال الوقت؛ لقد تحدثوا مرة كل يومين. وقام المركز بإيصالي بشبكة على الإنترنت للنساء الأخريات اللائي خُضْنَ أو كنَّ يخُضن لتجربة مشابهة".
في الأسبوع 32، أدت عدوى مشيمية إلى ولادة "بيث" المبكرة. لقد وُلدت "إيما تراهان" بوزن 4 أرطال و 4 أونصات. لقد قضت أول 12 ساعة من حياتها تحت جهاز تنفس صناعي وبعد أسابيع قليلة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، لكن أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي لتقييم عمودها الفقري ودماغها أخبارًا جيدة: لقد عكست الجراحة التي أجريت على الجنين فتق الدماغ المؤخر ولم يكن يوجد مَوَهُ الرَّأْس.
إدخال "إيما"
لقد اصطحبت "بيث" أطفالها الخمسة في المرة التالية التي سافرت خلالها إلى فيلادلفيا، وكانت مناسبة سعيدة: لقد كان لقاء الأسر الجنينية السنوية بمركز تشخيص وعلاج الأجنة.
تقول بيث: "لقد كان أمرًا مبهجًا للغاية". "لقد كنت مسرورة للغاية لمقابلة الأمهات الأخريات اللائي تحدثت إليهن على الإنترنت واللائي قدمن لي المساعدة حقًا. وكان من الرائع رؤية الأطباء الذين أدين لهم بالكثير. وأشعر بالامتنان إلى الأبد لما فعلوه من أجلي ومن أجل إيما ومن أجل أسرتنا بأكملها".
تبلغ "إيما" 3 سنوات، وتعاني من بعض المشكلات الطبية لكنها تمارس حياتها بشكل مذهل بصفة عامة، وفقًا لأمها. وتحضر مرحلة ما قبل المدرسة التي تركز على تطوير المهارات الحركية المادية والدقيقة، وسوف تبدأ روضة الأطفال الصغار في خريف 2017 في فصل عادي.
ستحتاج "إيما" لإجراء جراحة استدارة الظنبوب في وقت ما خلال هذا العام، وترتدي جهاز تقويمي لكاحل القدم للحفاظ على قدميها مستقيمة ويوفر لها دعمًا إضافيًا. ولكنها لا تدع أيًا من ذلك يبطئها، وتمشي من دون مساعدة على شكل مشّاية أو عكازات للذراعين.
ولأن لديها منعكسات في كاحليها، فإنها لا تستطيع أن تشعر بأسفل قدميها - ولكنها في طريقها إلى النمو على مدار عمرها، وقد قام أطباء الأمراض العصبية بتسريحها لمدة ثلاث سنوات، كما تقول أمها.
وقد أصيبت "إيما" كذلك بعدد من التهابات المسالك البولية، ويأمل أطباؤها في كندا في أن يفسر اختبار ديناميكا البول التليفزيوني سبب ذلك، غير أن الأشعة بالأمواج فوق الصوتية التي أجريت على كليتيها أظهرت أن كل شيء عاد إلى طبيعته.
تقول بيث: "إنها رائعة. "لقد أصبحت أختًا كبيرة في أغسطس وهي مفيدة ومحبوبة للغاية".